تحديد الاحتياجات التدريبية وأهميتها في تطوير مهارات الموظفين
يعد تدريب الموظفين إحدى أهم العمليات الداخلية لأي منظمة تسعى لتحقيق أهدافها والتفوق على منافسيها. لذا يجب أن يكون التدريب وتطوير مهارات الموظفين جزءًا لا يتجزأ من ثقافة العمل في المؤسسات والمنظمات؛ فذلك يساعد في الاحتفاظ بالموظفين، وإبقاء المؤسسة في طليعة عملها، كما يساعدها ذلك على جذب أفضل المواهب، حيث يرغب كل شخص في العمل في شركة تهتم بتنمية مهاراته.
لا ينبغي أبدًا تقديم التدريب والتطوير عشوائيًّا؛ إذ لن يعود ذلك على المؤسسة بأي منفعة، فهي بحاجة إلى أن تقدم لموظفيها نوع التدريب الذي يحتاجونه، وتحتاجه المؤسسة أيضًا؛ فحتى برامج التدريب الأكثر شمولية قد تؤدي إلى تطوير فجوات معرفية أو مهارية إذا لم يكن التدريب متوافقًا مع احتياجات الشركة.
لذا تتطلب هذه العملية تحديد احتياجات التدريب وإجراء تحليل شامل لها، ليكون التدريب ناجحًا. لكن كيف يمكن تحديد الاحتياجات التدريبية؟ هذا ما سنجيب عنه في قادم سطور هذا المقال.
مفهوم تحديد الاحتياجات التدريبية للموظفين
تحديد احتياجات التدريب، أو تقييم الاحتياجات التدريبية، أو تحليل الاحتياجات التدريبية، أداة تستخدمها المؤسسات والمنظمات لتحديد فجوات المعرفة أو المهارات عند موظفيها، وبالتالي تحديد نوع التدريب الذي يحتاجه الموظفون، وتسليط الضوء على فجوات الأداء. يعد تقييم احتياجات التدريب أمرًا هامًّا لإنشاء إستراتيجية لتنفيذ برامج التدريب وضمان اكتساب الموظفين المهارات والمعرفة التي يحتاجونها لأداء مهامهم بأفضل شكل ممكن.
لا يحتاج جميع الموظفين إلى نفس النوع من التدريب، أو إلى تلقي التدريب في الوقت نفسه. ونتيجة لذلك، ينبغي إجراء هذا التقييم بانتظام لتقييم كفاءة المهارات الحالية في مقابل الأهداف التنظيمية.
أهداف تحديد الاحتياجات التدريبية
- التعرف على احتياجات العمل.
- قياس القدرات التدريبية.
- تحديد الفجوات الموجودة بين المستوى المطلوب والمستوى الحالي.
- تقييم احتياجات التعلم للموظفين والفرق والإدارات.
- تعزيز مشاركة الموظفين في قرارات التدريب.
- تحقيق أكبر عائد من الاستثمار في التدريب.
كيف يتم تحديد الاحتياجات التدريبية؟
يمكن تحديد الاحتياجات التدريبية من خلال اتباع الخطوات التالية:
-
تحديد النتائج المرجوة
تساعد هذه الخطوة على تحديد الغاية والمبررات من التدريب، وتوضح ما يجب أن يتعلمه الموظفون وما يجب أن يفعلوه بعد التدريب. يجب أن تكون النتائج المرجوة محددة بشكل واضح ومفصل، وقابلة للقياس بشكل دقيق وموضوعي، وواقعية بشكل منطقي وممكن، ومرتبطة بشكل مباشر ومنسجم مع الرؤية والرسالة والأهداف الإستراتيجية للمنظمة.
-
تحليل الوظائف
الهدف هنا هو تحديد المتطلبات والمسؤوليات والمهام والمهارات والمعرفة والسلوكيات التي يحتاجها الموظفون لأداء وظائفهم بشكل فعال ومتميز. يجب أن يكون تحليل الوظائف شاملاً ومحدثًا ومنظمًا وموحدًا، ويعكس الواقع الحالي والمستقبلي للوظائف. يمكن استخدام مصادر مختلفة لتحليل الوظائف، مثل التوصيفات الوظيفية التي تحدد المناصب الوظيفية والمستوى والمجال والغرض والمهام والمسؤوليات والمؤهلات والعلاقات الوظيفية. يمكن هنا استخدام المقابلات والاستبيانات والملاحظة والتحليل الوظيفي، والتي تساعد على جمع المعلومات والآراء والتقييمات من الموظفين والمدراء والخبراء والمستفيدين.
-
تقييم الأداء
الهدف من هذه الخطوة تقييم مستوى الأداء الحالي للموظفين ومقارنته بالمستوى المطلوب أو المتوقع. يجب أن يكون هذا التقييم منتظمًا ومستمرًّا وشفافًا، ويستند إلى معايير واضحة وموضوعية. يمكن استخدام معايير مختلفة لتقييم الأداء، مثل الإنتاجية، التي تقيس كمية ونوعية العمل المنجز. والجودة، التي تقيس مدى مطابقة العمل للمعايير والمواصفات المحددة. والتعاون، الذي يقيس مدى قدرة الموظف على العمل مع الآخرين والمساهمة في تحقيق الأهداف الجماعية. والتطوير المهني، الذي تقيس مدى استعداد الموظف للتعلم والتحسين والابتكار. والرضا الوظيفي، الذي تقيس مدى رضا الموظف عن وظيفته وبيئة عمله وتعويضاته المالية.
-
تحديد الكفاءات القابلة للتدريب
الهدف هنا تحديد الكفاءات التي يمكن تحسينها من خلال التدريب. الكفاءات هي مجموعة من المهارات والمعرفة والسلوكيات التي تميز الأداء المتميز. يجب أن تكون الكفاءات القابلة للتدريب ذات صلة بالوظائف والنتائج المرجوة، وتعكس الحاجات والتوقعات والتحديات الحالية والمستقبلية. يمكن استخدام طرائق لتحديد الكفاءات القابلة للتدريب، مثل تحديد مجموعة من الكفاءات المطلوبة للموظفين في مجالات معينة. كما يمكن استخدام الدراسات والأبحاث والتقارير التي تحدد مجموعة من الكفاءات المهمة والمطلوبة في سوق العمل والمجتمع.
-
تقييم الكفاءات وتحديد فجوات الأداء
تساعد هذه الخطوة على تقييم مستوى الكفاءات الحالية للموظفين ومقارنته بالمستوى المطلوب أو المتوقع. فجوات الأداء هي الفروق بين الأداء الحالي والمطلوب. يجب أن تكون فجوات الأداء محددة ومقاسة وتم تحليلها، وتعكس الأسباب والعوامل والآثار المرتبطة بها. يمكن استخدام أدوات مختلفة لتحديد فجوات الأداء، مثل المقاييس الذاتية التي تساعد الموظفين على تقييم مستوى كفاءاتهم بشكل مستقل وصريح؛ وتقييمات زملاء العمل التي تساعد الموظفين على تقييم مستوى كفاءات بعضهم البعض بشكل تعاوني ومتبادل؛ وتقييمات المدراء التي تساعدهم على تقييم مستوى كفاءات موظفيهم بشكل رسمي ومنهجي؛ والاختبارات التي تساعد على قياس مستوى المهارات والمعرفة للموظفين بشكل دقيق وموضوعي.
-
تحديد الأولويات التدريبية
تساعد هذه الخطوة على تحديد احتياجات التدريب الأهم والأكثر إلحاحًا، والتي تؤثر بشكل كبير على الأداء والنتائج. يجب أن تكون أولويات التدريب مرتبة ومصنفة، وتعكس الاعتبارات والمحددات والفرص المرتبطة بها. يمكن استخدام معايير مختلفة لتحديد أولويات التدريب، مثل التكلفة والفائدة التي تقيس مدى ملاءمة التدريب للميزانية والعوائد المتوقعة، والوقت والموارد، اللذَين يقيسان مدى توافر الزمن والمعَدات والمدربين للتدريب، والتأثير والمخاطر، لقياس مدى أهمية التدريب لتحسين الأداء والنتائج والحد من المشاكل والأخطاء؛ والطلب على المهارات، لقياس مدى حاجة السوق والمجتمع للكفاءات المستهدفة بالتدريب.
-
مراجعة المستندات والمواد
أي مراجعة المستندات والمواد المتعلقة بالتدريب، مثل الخطط والسياسات والمناهج والمحتوى والأساليب والتقنيات والتقييمات. يجب أن تكون المستندات والمواد متوافقة ومتناسقة ومتكاملة، وتعكس الاحتياجات والأولويات والنتائج المرجوة من التدريب. يمكن استخدام معايير مختلفة لمراجعة المستندات والمواد، مثل الصحة والموثوقية، لقياس مدى دقة ومصداقية المعلومات والمصادر المستخدمة، والملاءمة والجدوى، لقياس مدى تناسب وفعالية المستندات والمواد للمتدربين والمدربين والمنظمة.
أهم الأدوات المستخدمة لتحديد الاحتياجات التدريبية
هناك العديد من الأدوات المستخدمة لتحديد الاحتياجات التدريبية في مجال تطوير الموارد البشرية. من بين أهم هذه الأدوات:
- المقابلات: هي حوارات شخصية تجرى مع الموظفين لمعرفة آرائهم وملاحظاتهم واحتياجاتهم التدريبية. تتيح المقابلات الحصول على بيانات متعمقة ومفصلة ومخصصة لكل فرد أو مجموعة.
- الاستبيانات: هي استمارات تحتوي على مجموعة من الأسئلة ذات الصلة بالمهارات والاهتمامات والتوقعات والصعوبات التي يواجهها الموظفون في أداء وظائفهم. تتيح الاستبيانات الحصول على بيانات كمية وموضوعية وسهلة التحليل والمقارنة.
- تقييمات الأداء: هي عمليات تقييم دورية تهدف إلى قياس مدى تحقيق الموظفين أهدافهم الرئيسة ومعايير الجودة المحددة. تساعد تقييمات الأداء في تحديد نقاط القوة والضعف لدى الموظفين، والتحديات التي تواجههم والمجالات التي تحتاج إلى تحسين أو تطوير.
- مراجعات الوظائف: وهي تحليل وتوصيف الوظائف والمهام والمسؤوليات والمتطلبات والظروف المرتبطة بها. تساعد مراجعات الوظائف على تحديد المهارات والمعرفة والكفاءات اللازمة لأداء الوظائف بأعلى درجات الكفاءة والفاعلية.
- تحديد الفجوات التدريبية: أي مقارنة بين الأداء الحالي والمطلوب للموظفين وتحديد الفروق أو الفجوات بينهما. تساعد عملية تحديد الفجوات التدريبية على تحديد الاحتياجات التدريبية وترتيبها حسب الأولوية، وتحديد أهداف التدريب ومحتواه ومنهجيته وموارده.
- تقييمات المهارات: هي عبارة عن اختبارات تهدف إلى قياس مستوى المهارات والمعرفة والقدرات التي يمتلكها الموظفون في مجالات معينة. تساعد تقييمات المهارات على تحديد ما إذا كان الموظفون يمتلكون المهارات اللازمة لأداء وظائفهم، أو إذا كانوا بحاجة إلى تعلم مهارات جديدة أو تحسين مهاراتهم الحالية.
كيف يمكن مطابقة احتياجات التدريب مع أهداف الشركة؟
- تحديد الأهداف العامة والخاصة للشركة والأقسام والوظائف والموظفين.
- تحديد المؤشرات والمعايير لقياس تحقيق هذه الأهداف.
- تحديد مسؤوليات ومهام ومتطلبات كل وظيفة.
- تحديد الفجوات ونقاط الضعف والمشكلات التي تعيق تحقيق الأهداف.
- تحديد احتياجات التدريب التي تساعد على سد هذه الفجوات وحل هذه المشكلات.
- تنفيذ وتنسيق ومتابعة وتقييم البرامج التدريبية وقياس مدى تحقيق الأهداف والنتائج المرجوة منها.
في الختام , يتضح مما سبق أنَّ تحديد الاحتياجات التدريبية ومطابقتها مع أهداف الشركة جزء هام من إستراتيجية تطوير الموارد البشرية وتحسين أداء الموظفين. وعندما تتم هذه العملية بعناية ودقة، يمكن للشركات رفع كفاءة موظفيها وتعزيز فعاليتها وزيادة تنافسيتها في سوق العمل.
يتطلب الأمر تعاونًا وتواصلاً فعالاً بين أقسام الموارد البشرية والإدارة والموظفين لضمان تحقيق أقصى فائدة من التدريب وتحقيق الأهداف المؤسسية.
ولأنَّ عملية تدريب وتنمية مهارات الموظفين الوظيفية باتت واحدة من أهم الاستثمارات التي يمكن لأي مؤسسة أن تقوم بها، تلجأ هذه الشركات إلى الاستثمار في الأدوات التقنية الذكية لتسهيل عملية التدريب.
واحدة من أهم هذه المنصات هي إيسار، لأنَّها أُعدَّت لهذا الغرض خاصة. إيسار هي نظام سحابي ذكي يتيح للجهات المهنية إدارة العملية التدريبية لموظفيها، ويمكنها من تتبع الخطة التطويرية بشكل رقمي ميسر ومؤتمت، بما يسمح للموظفين بتنمية مهاراتهم المعرفية والحفاظ على رغبتهم في اكتساب مهارات جديدة. فماذا تنتظر؟ احصل على تجربة مجانية من هنا.