دليلك الشامل لتهيئة الموظفين الجدد
لقد أصبح سوق العمل اليوم كالقرية بفعل العولمة والتطورات التكنولوجية الهائلة، ويُعد الموظف جوهر ومحرك العملية برمتها، إذ أثبتت دراسة أن الشركات التي تهيئ الموظفين الجُدد، تزداد نسبة ولائهم إلى نحو 87٪، وتصل إنتاجيتهم إلى نحو 70٪. كما أثبتت الدراسة ذاتها أن الموظفين الذين حظوا بتجربة تهيئة سيئة سرعان ما تركوا شركاتهم. فبرنامج تهيئة الموظفين الجدد يقدم للموظف كل ما يحتاج إليه ليبدأ بقوة، بحيث يتعرف على ثقافة الشركة، وطبيعة الدور الوظيفي الذي سيشغله، والأهداف المتوقع منه تحقيقها، ومن ثَم ينخرط فورًا في الشركة بسهولة شديدة. في هذا الدليل سنقدم لك المعلومات الأساسية لتقديم تجرِبة مدهشة وممتعة لتهيئة موظفيك الجدد وتكييفهم مع نظام شركتك بيسر.
ماذا تعني عملية تهيئة الموظفين الجدد؟
تهيئة الموظفين الجدد هي عملية تعمل على إدماج الموظف الجديد في الشركة، وتعريفه بثقافة العمل فيها، وتزويده بالأدوات والمعلومات المناسبة عن منصبه الوظيفي ليبدأ العمل في كفاءة ووضوح. في الغالب يجب أن تكون هذه العملية عملية إستراتيجية تعطي تفاصيل عن طبيعة أول يوم عمل وأول شهر، بحيث يصبح الموظف على بينة من أمره.
الأسس الصحيحة للبدء بتفعيل عملية تهيئة الموظفين الجدد في شركتك
للأسف، تعتقد معظم الشركات أن العملية الأكثر أهمية تتمثل في العثور على الموظف الأنسب الذي يضم في جَعبته مهارات قوية، وقدرات معرفية عالية. لكن الحقيقة هي أن ما سبق يمثل الخطوة الأولى فقط، في حين تتمثل الخطوة الثانية في إعداد هذا الموظف ليعرف المتوقع منه، ويبدأ في عمله بسلاسة، بل إن عدم وجود عملية تهيئة الموظف الجديد قد تدفع أي موظف إلى ترك وظيفته والرجوع إلى دُوامة البحث عن فرصة عمل أخرى، لذا لكي لا تضيع جهودك السابقة، يجب أن تبدأ في تجهيز العُدة. والطريقة المُثلى -برأينا- تجدها في الإجابة عن الأسئلة التالية:
- متى يجب أن تبدأ عملية تهيئة الموظفين؟
- كم ستكون مدتها؟
- ما الانطباعات التي تريد أن يأخذها الموظف الجديد عن الشركة وموظفيها في يومه الأول؟
- ما المعلومات الأساسية التي يجب على الموظف الجديد معرفتها عن ثقافة الشركة وبيئة عملها؟
- ما الدور الذي سيقوم به فريق الموارد البشرية في العملية؟ وما دور الموظفين القدماء؟ وما دور الفريق الإداري الأعلى حتى؟
- ما طبيعة الأهداف التي يجب تحديدها للموظف الجديد؟
ما إن يتم الإجابة عن هذه الأسئلة السابقة بشكل منهجي، حتى يصبح فريق الموارد البشرية والمعنيون قادرين على رسم الملامح الهامة لتقديم أفضل تجرِبة تهيئة لأي موظف جديد ينضم إلى الشركة.
10 خطوات لتهيئة الموظفين الجدد
سنقدم لك 10 خطوات تمد أي موظف جديد بأفضل عملية تهيئة لمنصبه وشركته الجديدين، ويمكنك تحويلها إلى برنامج داخلي لتهيئة الموظفين الجُدد في يسر. تجدر الإشارة إلى أن الخطوات التالية يمكن لمختلِف الشركات استخدامها، وسواء أكنت تعمل من مقر الشركة أو عن بعد، فإنه بإمكانك الاستفادة منها. إليك الخطوات العشر:
الخطوة الأولى: رحب بموظفك الجديد وعرِّفه زملاءَه
بعدما تقوم بالإجراءات القانونية اللازمة لضم الموظف الجديد بشكل رسمي إلى شركتك، أرسل إليه فورًا رسالة ترحيبية عبر البريد الإلكتروني، وعبر له عن حماسك الشديد لانضمامه إلى شركتك وأنك فخور بالعمل معه. أرسل الرسالة السابقة فور أن يقبل الموظف العرض الوظيفي؛ فلها بالغ الأثر في جعل الموظف يشعر بالقبول الاجتماعي، والذي بدوره يدفعه دفعًا إلى بذل أقصى جهده.
احرص على أن تحتوي رسالتك البريدية على العناصر التالية:
- تهنئتهم بانضمامهم إلى شركتك، والتعبير عن سرورك الشديد بأنهم سيصبحون أعضاء في فريق عملك.
- التأكيد على موعد أول يوم عمل رسمي لهم وتوضيح ما الذي ينتظرهم في أول يوم عمل.
- إخبارهم بأن ينتبهوا إلى بريدهم الإلكتروني لأنه ما زالت بعض المعلومات الهامة في طريقها إليهم، مثل: بعض الإجراءات الهامة من فريق الموارد البشرية، وكيفية الوصول إلى بعض الأدوات والبرامج التقنية التي ستساعدهم في مهامهم الوظيفية.
- تشجيعهم على التواصل معك في حال كانت لديهم أي استفسارات أو تعقيب.التأكيد على موعد أول يوم عمل رسمي لهم وتوضيح ما الذي ينتظرهم في أول يوم عمل.
الخطوة الثانية: ادمجهم في حماس مع شركتهم الجديدة
أفضل طريقة لجعل أي موظف جديد يشعر بالانتماء إلى الكيان الجديد الذي سيعمل فيه، هي بتقديم عُدة ترحيبية له، تتكون مما يلي:
- رسالة ترحيبية مُخصصة بعناية للموظف الجديد، ومن الجميل أن تكون مكتوبة بخط جيد، لما لذلك من قيمة في تعزيز انتماء الموظف.
- هدايا معبرة، وغالبا تشمل: دفتر ملاحظات يحمل شعار الشركة واسم الموظف، وكوب قهوة، وقميصًا، وأقلامًا… يمكنك تقديم ما تشاء في هذه الهدية المعتبرة.
- دعوتهم إلى وجبة غداء مع زملائهم في العمل ليتعرف بعضهم إلى بعض عن قرب، ويمكنك أن تجعلها افتراضية في حالة العمل عن بُعد.
- الهدايا السابقة قد تبدو متواضعة لكنها مؤثرة بشكل كبير، فلا تستهن بها.
الخطوة الثالثة: قدم له الأدوات التقنية التي سيستخدمها في وظيفته
إذا كان الموظف الجديد يعمل من مقر الشركة، فاعقد اجتماعًا معه ومع الفريق التقني، بهدف تعريفه استخدام حُزمة الأدوات التقنية في مهامه الوظيفية، وتقديم معلومات تفصيلية عنها ليتمكن من استخدامها في يسر. أما إذا كان الموظف يعمل عن بُعد، فيكفي أن ترتب اجتماعًا افتراضيًّا أو تسجل دورة تدريبة -وهو الأفضل- ثم ترسلها في رسالة بريدية مع تفعيل خاصية إذن الوصول إليها ليبدأ في التعامل معها. لا تنسَ أن تسهل عملية التواصل بين الموظف الجديد والفريق التقني، لأنه في الغالب سيحتاج إلى التواصل معهم في حالة ظهور عطب تقني أو ما شابه.
الخطوة الرابعة: أضفهم إلى برامج التواصل الداخلية للشركة
سواء أكنت تعمل عن بعد أم من مقر الشركة، فإن ثمة قنوات رقْمية مخصصة للتواصل بين فرق العمل المختلفة، كالبريد الإلكتروني، وأدوات إدارة المشاريع، مثل: Slack وTrello وغيرهما. عرفه بهذه القنوات وكيف يتواصل من خلالها، ثم أضفه إليها.
الخطوة الخامسة: أعلن في فخر قدومَ موظفك الجديد قبل انضمامه إلى العمل بأيام
قبل يومين أو ثلاثة أيام على الأكثر من تاريخ بدء عمل الموظف الجديد الرسمي في الشركة، حاول أن تذكر زملاءه في العمل وفريقه الإداري الأعلى بقدومه برسالة بريد إلكتروني تحوي التالي:
- سبب فخرك وحماسك بانضمام هذا الموظف الجديد.
- الموظفين الذين سيعمل معهم بشكل مباشر، والذين سيرسل إليهم التقارير الإدارية.
- الأمور التي يجب أن تحدث للموظف الجديد في أسابيع عمله الأولى في الشركة.
تذكر أن الهدف الأول والأخير هو بناء عملية تهيئة مثمرة للموظف الجديد لتعزيز انتمائه وزيادة إنتاجيته.
الخطوة السادسة: اجعل من يومهم الأول تاريخًا لا يُنسى
أول يوم عمل دائما ما يصحبه الكثير من القلق والاضطراب، وهذا ما يجب أن تمنع حدوثه. أمر طبيعي أن تقيد الموظف الجديد خيوط من القلق، لكن لتفاديها، قم بالآتي:
- أرسل له بطاقة هدية باستخدام برنامج مثل Glee أو غيره.
- في حالة العمل من مقر، قدمه وعرفه بزملاء عمله الجدد، ثم خذ بيده إلى مكتبه الجديد، واحرص على أن يكون فيه عُلبة على شكل هدية تضع فيها الهدايا التي تحدثنا عنها في الخطوة الثانية. أما في حالة العمل عن بعد، فاطلب من زملائه أن يشاركوه صورًا من مكتب عملهم، وكيف يقضون يومهم سعيًا في إدماجه في بيئة العمل وتقديم أفكار له لتجهيز أو ترتيب مكتبه عن بعد.
- خصص وقتًا لبعض الاجتماعات غير الرسمية: لا ترهقه بيوم حافل بتقديم كل كبيرة وصغيرة، بل احرص على خلق نوع من الفكاهة والتواصل البشري البعيد عن سجون الرسمية واجعله يتعرف على زملائه المختلفين ويتحدث معهم.
الخطوة السابعة: وضح المسؤوليات والتوقعات
بغض النظر عن نوع المنصب الوظيفي الذي سيشغله الموظف الجديد، يجب أن تقدم له صورة واضحة عن المعنى الحقيقي للنجاح داخل وظيفته، وتبين له طبيعة الأهداف التي تسعى الشركة لتحقيقها في القسم الذي سيعمل فيه.
والأمثل هو توثيق المسؤوليات بشكل واضح في ملف أو مستند وتقديمها للموظف ليطلع عليها ويحفظها عن ظهر قلب حتى تتضح أمامه رؤية الشركة. فسبب فشل الكثير من الموظفين الجدد هو أنهم لم يحصلوا على معلومات واضحة عن مسؤولياتهم والتوقعات المرتقبة منهم. لا تنسَ أيضا أن تجدول اجتماعات عملية بين الموظف الجديد ومختلف الموظفين الذين سيعمل معهم مباشرة، سواء أكانوا من نفس قسمه أم من الأقسام الأخرى، ومن المهم إجراء الخطوة السابقة في أول شهر.
الخطوة الثامنة: عرفهم على ثقافة العمل في الشركة
العمل من مقر الشركة يجعل عملية تعريف الموظف الجديد على ثقافة الشركة سهلًا للغاية، لأنه، وبجانب إدراكها وفهمها، سيراها تتجسد أمامه من خلال طبيعة عمل زملائه. بينما في العمل عن بعد، يجب استخدام بعض الطرق لتعريف الموظف بثقافة عمله الجديدة، ومن هذه الطرق الأكثر فعاليةً ما يلي:
- عقد اجتماعات افتراضية بين الموظف الجديد وموظف قديم، كأنهما يتناولان فنجانا من القهوة، ليتعرف الاثنان إلى بعضهما بعضًا، ويناقشا مواضيع عامة أو خاصة لهما حرية تحديدها. فهو ليس اجتماعًا رسميًّا بل اجتماعًا تعارفيًّا بهدف زيادة وعي وفهم الموظف الجديد لثقافة عمل الشركة.
- إطلاق نشاطات ترفيهية أسبوعيًّا أو نصف شهري، بحيث يمارس الموظف فيها أي نشاط ترفيهي يحلو له، ومن ثَم يشاركه مع زملائه. وكبرى الشركات تستخدم هذه الطريقة، مثل: Google.
- تقديم برنامج أسبوعي مثل: “سلني أي شيء”، وتهدف هذه البرامج عادة إلى تعزيز القبول الاجتماعي بين الموظف الجديد والموظفين القدماء؛ فمن خلالها سيتعرف بعضهم إلى بعض أكثر، بل وقد يجدون اهتمامات مشتركة بينهم تزيد من ارتباط بعضهم ببعض، ولهذا بالغ الأثر في تعزيز ثقافة الشركة وإنتاجية الموظف.
الخطوة التاسعة: اجتمع بهم بشكل دوري
تعد هذه الخطوة في غاية الأهمية، لأنه وبعد مُضي فترة على دخول الموظف الجديد في معترك الحياة العملية، ستبدأ بعض الأسئلة تطرأ على تفكيره، وهنا تأتي فائدة عمل اجتماع دوري بين الموظف ومديره، ليتمكن الأول من طرح أي أسئلة لديه، ويتمكن الثاني من فهم أسلوب عمل موظفه الجديد وكيف يمكنه مساعدته وتحفيزه.
وتتضمن هذه الاجتماعات مناقشة بعض الأمور المهمة، مثل:
- مناقشة مهام العمل في نهاية أسبوع العمل.
- مناقشة التحديات التي تعيق الموظف الجديد.
- وفي بيئة العمل عن بعد بخاصة، فإن للاجتماعات الدورية السابقة دورًا كبيرًا في تسليح الموظف الجديد بالإجابات الشافية ليعمل في كفاءة عالية، بدلا من أن يتعب في محاولة إيجاد حلول لتحدياته وأسئلته بنفسه، والتي يمكن لمديره أن يقدمها له في يسر شديد.
الخطوة العاشرة: اطلب منهم تقييمًا لعملية التهيئة التي قدمتها لهم
كما تجري العادة، فإنه لا يوجد شيء كامل، فكل مشروع أو منتج هو في حالة تطوير مستمرة، وحرصًا على جعل برنامج تهيئة الموظفين الجدد خاصتك في غاية الفعالية، سل موظفيك الجدد باستمرار عن تقييمهم للتجربة بشكل كامل، وما أكثر شيء أعجبهم فيها وما أكثر شيء يحتاج إلى تحسين في رأيهم.
يمكن إجراء استبيان فور انتهاء الموظف من عملية التهيئة، ثم تضع فيه الخِيارات التالية ليضع الموظف تقييمًا لكل عنصر منها، وهي:
- أشعر بالترحيب هنا.
- أنا فخور بالعمل لدى [شركة].
- أوصي بـ [الشركة] كمكان رائع للعمل.
- لقد تلقيت تدريبًا جيدًا على العمليات التي تنطبق على دوري.
- لدي فكرة جيدة عما ما زلت بحاجة إلى تعلمه لأقوم بعملي بشكل جيد.
- تتوافق القيم التنظيمية لـ [الشركة] جيدًا مع قيمي.
- يتطابق دوري حتى الآن مع وصف الدور المقدم لي.
- وتلك هي الطريقة المُثلى لتطوير عملية تهيئة الموظفين الجدد باستمرار.
الخلاصة
يعتبر إعداد برنامج أو عملية تهيئة الموظفين الجدد أمرًا بالغ الأهمية في تعزيز انطلاق الموظف في القيام بعمله بيسر وسهولة. فالبحوث تشير إلى أن الشركات التي تهيئ وتعد موظفيها الجدد، تلمس سرعة في الأداء والإنجاز بنسبة 50٪ وهو رقْم يحتاج إلى وقفة.
هل تعلم أنه يمكنك أتمتة عملية التدريب والتطوير داخل شركتك بجهد ووقت أقل؟ احصل على تجربة مجانية لـ”إيسار“.